يبدو بأن هناك رياح تغيير ستهب على العائلة الحاكمة في البحرين..(وهذا مجرد تحليل ليس إلا).. وأقصد بالتغيير هنا على مستوى ولاية العهد.. فهناك أمور خفية وأخرى ظاهرة حصلت وتحصل اليوم على تلك المستويات.. الحديث عن ولي عهد البحرين حديث طويل.. فالشيخ سلمان رجل مثقف ومتزن وعاقل ومتواضع جدا ولا يفرق بين الطوائف.. وكان يكرر هذا الكلام كثيراً.. وهو رجل عاشر الأوروبيين والأمريكان لسنين طويلة فأخذ منهم الكثير وتأثر بهم جداً..
لكن.. ما حدث في الأزمة البحرينية أثبت المعدن الحقيقي لهذا الرجل في التعامل مع الأزمات.. فمع اشتداد الأزمة بادر ولي العهد للذهاب لتلفزيون البحرين بعد أن استأذن جلالة الملك في هذا.. فخرج على التلفزيون مع سوسن الشاعر ليعلن عن مبادرة لحوار غير مشروط وغير محدد السقف مع المعارضة.. ومن غير استثناء لأحد بحيث يشمل كافة الأطياف..وبدا منذ الوهلة الأولى بأن ولي العهد مستعد لتقديم تنازلات لم تكن في الحسبان.. وبالرغم من أن هذه الدعوة لاقت استحسان الأمريكان والأوروبيين والرأي العام(وهو ما كان يرغب به ولي العهد).. إلا أن الإعلان عن هذا الحوار أثار بعض المخاوف لأهل السنة في البحرين من ارتفاع السقف كثيراً وعلى غير العادة.. وقد أربكت هذه الدعوة المعارضة كثيرا ولخبط أوراقها.. فهي لم تكن تتوقع ردة الفعل هذه.. لأن أجندة المعارضة كانت تتجه للتصعيد والخطة مستمرة والانقلاب يسير حسب المخط ط له.. لهذا قابلت المعارضة تلك الدعوى بتوتير أجواء المدارس بشكل أكبر في رد فعل على تلك الدعوة الصادقة من ولي العهد.. في استفزاز للسلطة وإعلان مبكر لرفض الحوار قبل تحقيق مطالبهم.. إضافة لمحاولة الحصول على أكبر قدر ممكن من الشارع لتشكيل ورقة ضغط أكبر على الدولة..
ولعل بعضكم لاحظ بأن ولي العهد بدا مهزوزاً نوعاً ما.. وظهر في موقف الرجل الضعيف الذي لا يملك الحيلة.. لهذا يقال بأن الورقة التي جاءت لولي العهد في استوديو التلفزيون (ولم تبث هذه اللقطة في الإعادة) كانت رسالة عتاب من جلالة الملك وأمر منه بإنهاء اللقاء التلفزيوني فوراً..
وقد أثار ضعف ولي العهد ردود أفعال واسعة في صفوف المعارضة..فارتفعت معنوياتهم والتقطت أنفاسهم وأحسوا بالنشوة واقتراب النصر.. وربما سمع بعضكم خطاب المجنون هادي المدرسي من العراق حينما استشهد بهذا الموقف على قرب انتصار الثورة وعلى الضعف الكبير في صفوف العائلة المالكة والسلطة.. وبدأ يدندن كثيراً على هذه النقطة ويدعو أبناءه الشيعة للتحرك فوراً لأن ساعة الصفر قد حانت.. وإلى استغلال هذا الضعف للاستمرار في سلمية التخريب والترويع.. وفعلاً لاقت تلك الدعوى القبول وبدا هناك تصعيد لافت في مجريات الأمور في المدارس والمؤسسات وغيرها..
هنا أمهل الملك ولي عهده فرصة ذهبية ووكله بالتصرف بكافة الأمور وأعطاه كامل الصلاحيات في أقوى اختبار يتعرض له ولي العهد في حياته.. فبدأ تحركاته المكثفة داخل البحرين.. وأجرى اتصالاته المتعددة.. فاجتمع مع تجمع الوحدة الوطنية أكثر من مرة.. كما اجتمع بالتجار ورجال الأعمال.. وكانت علامات الهزيمة بادية عليه في اللقاءات التي شاهدناها والشهادات الواردة.. وكان جل همه هو إرضاء الرأي العام العالمي (أمريكا خصوصاً).. ولكنه لم يستطع الاجتماع بالمعارضة رغم الاتصال الكثيرة التي أجراها معهم.. لهذا يقال بأن ولي العهد عزم على التوجه لمقر جمعية الوفاق بنفسه لولا وجود أوامر عليا بعدم اتخاذ تلك الخطوة التي تبين ضعفاً آخراً في السلطة وتمسحاً من السلطة للمعارضة التي من المفترض أن تتصل هي بولي العهد..
ويلاحظ بأنه في نفس الفترة قام ولي العهد بزيارات مكوكية أخرى لدول الخليج للتشاور والتبليغ عن الخطوات اللازمة.. ويقال بأنه عرض على السعودية مبدأ تنحي رئيس الوزراء وهو المبدأ الأهم الذي ترغب له المعارضة التي كانت تضع هذا المنصب نصب أعينها منذ زمن كخطوة جبارة نحو تحقيق أهم مقدمات الانقلاب وهو السيطرة على الحكومة.. إضافة إلى التخلص من الرجل القوي خليفة بن سلمان الذي يعلم حقيقة مخطط هؤلاء.. ويقال بأن السعودية استقبلت ولي العهد استقبالاً فاتراً ورفضت رفضاً قاطعاً فكرة التنحي.. ومن الجدير بالذكر بأن السعودية سبق وأن أبدت بعض التحفظات على ولي العهد منذ زمن فزادت هذه الزيارة من تلك التحفظات..
ولما أEسقط في يده رجع ولي العهد ليكمل جهوده الحديثة في الحوار الذي كانت المعارضة تترفع عن قبوله لإدراكها بقرب زوال النظام حتى دخول درع الجزيرة وإعلان حالة السلامة الوطنية.. ولا يخفى على الجميع بأن ولي العهد لم يكن يرغب في دخول درع الجزيرة وإعلان حالة السلامة الوطنية لأن هذا الأمر هو بمثابة المسمار الأخير الذي سيدق في نعش الحوار الذي كُلف به هو.. فشكل هذا ضربة قوية له.. أضف إلى ذلك بأن ولي العهد يحظى بقبول جيد من المعارضة الذي وف ر لها السيطرة على أهم الشركات كممتلكات وهيئة تنظيم سوق العمل ووزارة العمل وطيران الخليج وبابكو وألبا وغيرها.. علاوة على أن معظم موظفي ديوان ولي العهد هم من الشيعة (العجم).. فكان يرغب في تمديد المهلة الممنوحة له.. ومن يتذكر منكم بأن قبل يوم من إعلان حالة السلامة الوطنية خرج خبر عاجل من تلفزيون البحرين بأن ولي العهد سيلقي خطاباً مهماً.. ولكن هذا الخطاب تأجل وتحول لكلمة بسيطة كُتبت على الشريط الإخباري لتلفزيون البحرين تحث على اللجوء للحوار.. ويقال بأن أحد أسباب إلغاء الخطاب الخلاف الشديد حول مضمونه الضعيف والدعوة المكررة للهدوء والحوار.. واحتمال تفجيره لثورة غضب عارمة من أهل السنة في البحرين الذين ضاقوا ذرعاً من ما يجري..
لهذا شاهدنا ردة فعله الحزينة والغاضبة التي خرج بها من خلال جلوسه وصمته المطبق على محياه في اللقاءات التي كانت تبث على نشرات الأخبار...لذا حاولت القيادة الترقيع على هذا الأمر من خلال ترتيب زيارة شخصية لولي العهد لقوات درع الجزيرة.. وهي زيارة لها مدلولاتها من الناحية السياسية.. كما تم ترتيب خطاب تلفزيوني مسجل –ليس له داع- بثه التلفزيون بعد أسبوعين من إعلان حالة السلامة الوطنية..
وبناء على ما سبق.. يبدو بأن هناك أمور تجري خلف الكواليس (والله أعلم).. لجس نبض لجهات معينة لتغير ولاية العهد وتسليمها لشخص آخر.. وهذا الموضوع لا تتمثل فيه قيادة البحرين فقط.. بل هو موضوع متشابك ومعقد.. والمتحكم فيه هما أمريكا التي تريد بقاء ولي العهد في المنصب نفسه كونه يشاركها التوجهات.. وبين السعودية التي تؤيد تسليم هذا المنصب لرجل آخر..
وما حصل في اليومين السابقين من تهميش نسبي لولي العهد.. قابله إبراز الشيخ ناصر بن حمد وزياراته المتكررة للعوائل كعائلة الغريفي لتقديم واجب العزاء نيابة عن الملك -وجرت العادة أن يقوم بها ولي العهد نفسه في السابق- وزيارة ناصر بن حمد لعائلة كانوا وغيرها.. قد.. أكرر.. قد: يكون من ورائها مغزى آخر.. وأترك لكم التحليل..
تصريح شيخ الأزهر
وأخيراً خرج الأزهر الشريف من صمته تجاه ما يحدث في البحرين.. وانتقد التدخلات الإيرانية فيها.. وأكد الأزهر على عروبة البحرين.. وهذه التصريحات تؤكد بأن الأزهر الشريف سيعود لسابق عهده – إن شاء الله- في تحريك الأمة وعلمائها ورجالاتها.. وتدخل الأزهر في أمور السياسة الشرعية بعد ابتعاده عنها فترة من الزمن ففقد ثقة الناس به.. ونحن بدورنا نشيد بالشيخ أحمد الطيب الذي استطاع خلال فترة بسيطة أن يحدث فرقاً في عمل الأزهر وبدأ اتخاذ خطوات (إحياء) لهذا الصرح التاريخي الكبير للأمة.. والشيخ له مواقف رجولة كثيرة منها تقديمه للاستقالة 3 مرات بناء على مناداة البعض أن يكون منصب شيخ الأزهر منصباً يمنح بالانتخاب.. فأبدى استعداده للتنحي.. وصدق أحد المستشرقين حينما قال: لولا ثلاثة أمور لاستطعنا القضاء على الإسلام (صلاة الجمعة- الحج- جامعة الأزهر)..
هدم المآتم وخطة الشيعة السابقة لبناءها
من أهم وسائل تطبيق الخطة الخمسينية الشيعية في البحرين.. والتي سنفرد لها مقالاً خاصاً مفصلاً –إن شاء الله- ..والتي يفترض تطبيقها خلال 50 سنة.. مع مرونة تقليص المدة وتغيير بعض الوسائل طبقاً للدولة.. لهذا رأى الإيرانيون وأذنابهم هنا بأن البحرين لا تحتاج لخمسين سنة..بل إلى 30 سنة فقط... ثم قدمت أكثر إلى 25 سنة وهو العام 2011.. من أهم وسائل هذه الخطة بناء المآتم والمساجد والمنشآت الشيعية بأكبر قدر ممكن ثم يتم الحصول على ترخيص من الدولة لتبقى هذه المنشآت شيعية للأبد ولا يحق لأحد المساس بها.. لهذا عمد هؤلاء لبناء أكبر عدد ممكن الكبائن والمآتم وغيرها منذ سنين.. وحسناً ما تفعله الدولة بهدم هذه المنشآت الشيطانية التي يبلغ أعدادها من 90 إلى 150 منشأة.. تم هدم 30 منها.. ولكننا لا زلنا نتخوف من تعويض تلك المنشآت بأراض على حساب الدولة ليبدأ المخطط مرة أخرى من هذه التجمعات..
د.حسن الشِّيَخي
Hasan.shiakhi@hotmail.com
21 أبريل 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق