أثبتت الأزمة الأخيرة العديد من الأمور التي لم تكن في حسبان حكومات دول الخليج العربي النائمة في العسل في أبراجها العاجية.. والمشغولة بتحديها مع العوائل الأخرى في سباقات الهجن والفروسية وسباقات القدرة وشراء الفلل واليخوت والشقق والطائرات.. وتأجيج الخلافات فيما بينها والتقرب من إسرائيل على الجانب الآخر.. ومن أهم تلك الأمور التي يبدوا أن الحكومات قد انتبهت لها أو يجب الانتباه لها:
1. العداء الفارسي الصفوي الشديد للعرب.. وذلك من خلال نزعة تمجيد وتقديس الفرس لعنصرهم الآري (نسبة إلى إيران) على حساب جميع العناصر الأخرى ومن أهمها العرب.. والخلاف في ظني بيننا وبينهم يكمن في أمور ثلاث.. أهمها وأولها 1) العِرق..فإيران تكره العرب لدرجة لا يتصورها العقل..فنعتتهم بأبشع الألفاظ كالفئران والحمير ..الخ كما إن حقدها على فتح العرب لفارس لا يزال موجوداً منذ عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه..وهي بالتالي ذكت نار الخلافات المذهبية بالنزعة الفارسية ضد كل ما هو عربي.. وثاني تلك الأمور 2) المذهب..والخلافات بين المذهب الشيعي والسني خلافات تاريخية قديمة جديدة..ومهما حاولت إيران تتزعم مؤتمرات الوحدة الإسلامية فإن نشرها للمذهب الشيعي واضح للجميع من خلال تسخير أغلب ميزانيتها لتصدير ثورتها حتى وصلت للصين وأندونيسيا شرقاً.. والسنغال وكينيا غرباً.. وآخر تلك الأمور 3) الزعامة..وهي (أي إيران) تقود الشرق لهذا الصراع من خلال رغبتها احتلال الخليج والشام والدول العربية تحسباً لزعامة الشرق الأوسط.. ومن أهم تلك الأمور التي تسعى لها للسيطرة عليها تحقيقاً لهذا الأمر النفط والغاز والثروات الطبيعية عند العرب..مع العلم بأن أرض إيران أرض فقيرة من حيث المعادن والنفط... لذا احتلت إيران أرض الأحواز العربية الغنية بالنفط والغاز والثروات المعدنية والبحرية.. وبدون هذه الأرض فإن إيران ستعود لخط الفقر... فهي تسعى اليوم لتذويب العنصر العربي في الأحواز خلال فترة العشر سنوات القادمة تحسباً لأي ثورة مستقبلية أو استفتاء أو تدخل عربي في الإقليم المقدس بالنسبة لها.
2. الحرباوية الأمريكية التي أثبتت بأن لادين لها أو عهد أوذمة أو مبدأ..فدينها مصلحتها..ومبدأها اقتصادها.. فهي تسير مع الأقوى في المنطقة.. وقد أحست دول الخليج بهذه الخيانة أخيراً.. فتداركت الوضع قبل لحظات من احتلال إيران للبحرين.. فلجأت لتركيا والصين كما لجأت لدرعها الواقي..درع الجزيرة..لذا على دول الخليج أن تدرك بأن الهرولة وراء أمريكا لن ينفع في المستقبل.
3. أثبتت الأزمة أن حكام دول الخليج كانوا نائمين على قفاهم.. ولا يدرون ما يحاك ضدهم من مؤامرات.. إما تكاسلاً أو ثقة زائدة بشعوبهم أو لا مبالاة.. بينما هناك من ينشط ليل نهار من أجل احتلال دولهم.
لهذا..وبعد كل ما جرى..لابد أن نتعلم الدروس والعبر من هذه الأزمة..فالضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك.. فعلى دول الخليج أن تغير من سياساتها الداخلية والخارجية وذلك كالتالي:
أولاً: السياسات الداخلية
1. على قيادات وحكومات دول الخليج والبحرين خصوصاً أن تسد الفجوة بينها وبين شعوبها التي ذاقت الأمرار الكثيرة من سياساتها.. وقد أثبتت الثورات الأخيرة في تونس ومصر بأن الشعب هو الحاكم الفعلي للدول.. وحيث إن دول الخليج دول تحكمها عوائل ذات طابع ملكي... فلابد أن تغير هذه الدول من علاقاتها مع شعوبها وتلتفت إليهم وتشركم في الحكم والسلطة وتوسع نطاق الحريات المفقودة فيها.
2. يجب على حكومات دول الخليج أن تحتوي الحركات الإسلامية وتكسبها... لا أن تقمعها وتهمشها وتسعى للإطاحة بها باعتبارها قوى تآمرية تسعى للإعداد لأسلمة الأنظمة.. يجب على قادة جول الخليج أن يدركوا بأن المستقبل للأمة إنما يكون بالإسلام.. وأن هذه الحركات لا تريد إلا الإسلام ديناً ومنهجاً.. وقد أثبتت الأوضاع الحالية بأن غالبية الشعوب الإسلامية إنما تميل للإسلاميين وبكثافة.. فعلى قيادة وحكومة البحرين ألا تسقط الإسلاميين كما فعلت في انتخابات 2006.. وعلى السعودية أن توسع حريا تها للحركات الإسلامية وأن تحتويهم.. وعلى الإمارات أن تخفف من حدة قمعها وإسقاطها لكل من ينتمي للإسلام السياسي..وكذلك سلطنة عمان التي أعدمت وسجنت العديد ممن ينتمي لتلك الحركات.. رغم أن هذه الحركات هي التي تصارع القوى الأخرى للدفاع عن شرعية الحكم كما حصل في البحرين وفي دول الخليج الأخرى.
إن من يستطيع أن يغير المشهد السياسي اليوم في شتى الدول العربية والإسلامية هي تلك الحركات..وتأملوا في تونس ومصر وليبيا واليمن.
3. على قادة دول الخليج أن تكف عن اللعب بمقدرات وأموال الشعوب.. فما أنعم الله عليهم إنما هو حق للشعب..وليس للنهب كما فعلوا ولا زالوا يفعلون.. فقائد يشتري يختاً ب100 مليون..وآخر يشتري طائرة ب200 مليون.. وثالث يتملك شقة في لندن ب150 مليون.. علاوة على سرقة الأراضي والجزر وبناء القصور الفارهة بينما يقبع العديد من شعوب الخليج (الغنية) في خط الفقر.
ثانيا: السياسات الخارجية
أما على الصعيد الخارجي..فعلى دول الخليج مسئولية تاريخية الآن.. وتكمن في تحقيق التالي:
1. تحقيق الوحدة الخليجية المتكاملة التي انتظرناها كثيرا..والبدء من الآن لتحقيق ذلك..أو تحقيق ما يكفل الكنفدرالية التي تحقق الدفاع المشترك والاقتصاد القوي والسياسة الخارجية الموحدة التي تكفل حق شعوبها وآرائهم.
2. إخماد نار الثورة الإيرانية ووقف سعيها نحو تصدير ثورتها.. وذلك بـ:
• الدعم السياسي والإعلامي والمالي للحركات الداخلية المناوئة للنظام الإيراني..ومن أهمها إقليم الأحواز الذي في تحريره سيقضي على 95% من اقتصاد وقوة إيران التي تستغل ثروة الأحواز لتكوين السلاح النووي في مفاعلاتها التي بينت على أرض زلزالية..وأي زلزال فيه قد يشكل خطورة كبيرة على بحر الخليح العربي.. إضافة لدعم البلوش الذين أذاقوا النظام الإيراني الويلات..وحركات المقاومة الأذرية والتركمانية والكردية.
• لابد من تحقيق مبدأ تحالف الثالوث القوي (دول الخليج-السعودية خصوصاً- تركيا- مصر).. وهو التحرك الذي سيحمي دولنا والدول الأخرى من أي عدوان..كما سينتج عن قوة عظمى تستطيع مجابهة أمريكا وإسرائيل وإيران.. وهذا ممكن جداً في الآونة الأخيرة خصوصاً في ظل تواجد نظام مصري جديد ونظام تركي متحفز لتطبيع العلاقات مع دول الخليج التي تحتاج هي لهذا النوع من التحالفات.
• الدعم السياسي والإعلامي والمالي لحركات المقاومة الشريفة المناوئة للكيان الصهيوني كحركتي حماس والجهاد..لإبعاد إيران عن تصدر هذا الموضوع إضافة لتشكيل جبهة ضغط ضد الكيان الصهيوني وأمريكا.
• التفكير بشكل جدي للبدء في استخدام الطاقة النووية السلمية والحربية للرد على القوة الإيرانية النووية والإسرائيلية وخلق قوى توازن في المنطقة.. فالسلاح النووي الإسرائيلي خطر على الدول العربية والإيراني كذلك...بينما لا توجد بعد أية دولة عربية تمتلك هذا السلاح.
أما عن الحركات الإسلامية التي تمتلك المستقبل المشرق بناء على المعطيات الموجودة في الساحة.. ومن أهمها مصر التي أثبت التصويت الأخير على التعديلات الدستورية بأن حوالي 80% من الشعب المصري يميل للحركات الإسلامية..والشعوب الخليجية معروفة بتدينها..وسوريا والأردن تأتي الحركات الإسلامية في طليعة الحركات المؤثرة..وتونس وليبيا والمغرب الوضع ذاته.. فيجب على تلك الحركات الانفتاح على الجمعيات الليبرالية والقومية والوطنية وغض البصر عن الخلافات الموجودة.. والبدء من خلال التوافقات الوطنية التي تخدم الأمة..
فضيحة تشويه جثث الموتى
يبدوا أن فضائح الزمرة الفاسدة لا تتوقف.. فكل يوم نسمع عن فضيحة جديدة وتصرف مجرم آخر.. حتى وصلت بهم الدناءة إلى تعمد تشويه جثث موتاهم ثم تصويرها وبث الصور لفضح وتشويه صورة النظام (بحد زعمهم).. وهي التصرفات التي اعترف بها اثنان من مجرميهم من خلال قيامهم بتلوين الجثث تارة أو ضربها وسحلها بالسكين وغيره.. وهذه دلائل أخرى على كره هؤلاء لحكومة البحرين وخدمتهم لأجندة خارجية.. وأنهم لا يزالون يريدون تشويه سمعة البلد في الخارج..
بيان الوفاق
انتقدت العديد من الجهات بيان الوفاق الهزيل الذي أصدرته قبل 3 أو 4 أيام..وحق لهم الانتقاد كون البيان جاء للتمسح بظهر الحكومة والتقرب منها ورد أية تهمة على الوفاق.. وجاء البيان يؤكد الحرص على الوحدة الوطنية والسعي لها وعدم شق الصف.. ورسالتي هي لجميع الجهات التي انتقدت هذا البيان أن يقرءوا كل بيانات الوفاق وتصريحاتها السابقة...إن الوفاق لم يسبق لها قط الاعتذار عن أي تصرف صدر منها رغم إساءاتها المتكررة.. فإن اعتذرت لابد من الحصول على موافقة عيسى قاسم المستخدم من إيران.. مما يعني اعترافاً بالخطأ.. الأمر الذي يؤكد خطأ نائب الإمام المعصوم..وهي أم الكبائر في عقيدتهم...لذا أؤكد للجميع بألا يتفائلوا بأن تتقدم الوفاق يوما ما باعتذار حتى لو تم نشر الشريط السري الذي يبين رقص علي سلمان على أنغام الخمر قبل عدة سنوات.. أو المكالمات الهاتفية الجنسية للمقداد.. أو فضيحة ابن عيسى قاسم الذي وجد مختنقاً بعادم السيارة مع بنت متعة.. أو فضيحة النائب حسن سلطان مع نائب آخر من الوفاق بعدما وجدوا في لقطة مخزية.. وغيرها..
مواجهات الأمس
تجرأت الزمرة الفاسدة بالأمس أخيراً..فخرج مئات منهم لإحياء ذكرى وفاة السيدة فاطمة من خلال مآتمهم..وذلك في مناطق سنابس وسوق المنامة والدير وسماهيج وغيرها.. وبعد أن تم قمعهم قاموا بتشغيل المسجل بالتكبير من مآتمهم كعادتهم.. فلم ينجح مخططهم القاضي بالذهاب للسوق المركزي واحتلاله والاعتصام فيه.. وهذا بالون اختبار قوي للجيش ورجال الأمن الذين استطاعوا بأقل مجهود دحر هؤلاء والقضاء على فتنتهم.. بينما تأكدنا من خور وجبن هؤلاء.. وهي علامات الاحتضار التي بدت عليهم..
د.حسن الشِّيَخي
Hasan.shiakhi@hotmail.com
تويتر @hasanshiakhi
17 أبريل 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق